هذا المعرض، الذي يمتدّ على طابق بأكمله، يقدّم استعراضًا وافيًا لأعمال فيديو من إنتاج الفنّان العالميّ المعروف أدريان باتشي، بدءًا بعمله المبكّر من العام 1997 وانتهاءً بالإطلاق العالميّ لاثنين من أعماله الأخيرة من العام 2021. باتشي هو من ضمن أكثر الفنّانين المعاصرين مركزيّةً وتأثيرًا، وهو يُعالج برهف بالغ، منذ أكثر من عقدين من الزمن، التّقلّبات السّياسيّة والاجتماعيّة في أيّامنا، مع التركيز على صوت إنسانيّ فريد من نوعه. يتمحور فنّه حول الفرد، حول أناس فردانيّين يعيشون في إطار الجماعة، فيوثّق في أعمال الفيديو خاصّته أصوات هؤلاء، وتعابير وجوههم، ولغة أجسادهم، بشكل أشبه بلوحة البورتريه. من خلال بحثه لأناس معيّنين ولحالات فريدة عن قرب، يلقي باتشي نظرة بعيدة الأمد ويعكس مفاهيم ومشاعر كونيّة، مثل الفقدان والصّراع من أجل التّغلّب عليه.
ولد باتشي في إشقودرة، في ألبانيا، وهاجر نحو إيطاليا في العام 1997. تُعنى أعماله بالحالات الحدوديّة، بالمكوث بين الأماكن، والأزمنة، والثّقافات. في الثّغرات والمساحات التي يبحثها في أعماله لا وجود إطلاقًا للفراغ، إذ نجدها محمّلة بالذكريات والرّغبات التي لا يُمكن التّعبير عنها بشكل كامل. السّكينة والهدوء، الوقفات، النّصوص المتقطّعة والسّرديّات المتناثرة هي جميعها مكوّنات رئيسيّة في أعماله. من خلال البحث الجماليّ المرهف بوسيط الفيديو، يملأ باتشي حيّز الفراغ النّصّيّ والصّوتيّ بصور أشبه بسقيفة تعتلي الهوّة التي لا تقوى الكلمات على جسرها. بواسطة هذه الصّور، يتسنّى للرّغبة أن تتعافى، أن تتغلّب على الصّدمة، أن تكتسب شعورًا بالانتماء والقُربى من أناس محبوبين.
كلمات مكسورة، 2018، إنشائيّة فيديو بخمس قنوات:
اقرأ شهادات من تم تصويرهم:
يعرض الفيديو كلمات مكسورة خمسة لاجئين سوريّين قابلهم أدريان باتسي في ضواحي بيروت. طُلِب من اللّاجئين أن يصفوا حيواتهم خلال الحرب الأهليّة في سوريا. صحيح أنّنا نسمع في الخلفيّة الأقوال باللّغة العربيّة، لكنّ الصّورة الظّاهرة في كلّ واحد من أشرطة الفيديو تمّ تحريرها لتُظهر اللّحظات التي يصمت فيها اللّاجئون. انعدام التّلاؤم هذا بين الأمور المرئيّة، والمسموعة، والمحكيّة يشدّد على انعدام إمكانيّة الفهم الكامل للتّجارب الصّادمة للآخر؛ كلّ ما يمكننا فعله هو سماع كلمة متكسّرة، تحمل شظايا معانٍ. توفّر أشرطة الفيديو التي أنتجها باتسي بورتريهات عينيّة، تبحث بحساسيّة تعابير الأوجه ولغة الصّوت والجسد لدى اللّاجئين، وتنقل برهف بالغ ما تفشل الكلمات عن إيصاله.
Project supported by the Italian Council (10th edition, 2021), program to promote Italian contemporary art in the world by the Directorate General for Contemporary Creativity of the Italian Ministry of Culture.
Project supported by