"الخط عبارة عن شعور، عن إمكانيّة لمس، شعاع لا ندرك كنهه بعد. لكنّني أراه بوضوح؛ كلّ ما نفعله، ما نرسمه، ما نحفره، يُثير بنا الأسى تجاه انعدام حيلتنا، تجاه انعدام حيلة معرفتنا. نهاية الخطّ، هل من نهاية؟ [...] الخطّ "جيّد"، الخطّ هو "فنّ"، فقط عندما لا يكون ارتجاليًّا، عندما لا يكون فعّالًا، عندما لا يكون بيانيًّا، عندما يكون خاليًا من اللّمعان؛ إنّه "جيّد" فقط عندما يتنفّس كمخلوق حديث الولادة، وعندما يحتوي على معرفة ماضية وذكريات مستقبليّة، كلّ ما هو موجود وسوف يكون قائمًا في مستقبل الكون وينتظر أن يتجلّى، ينتظر أن يُفَكّ لغزه... والورقة – الورقة هي العالم."
- أفيفا أوري، "الخطّ"، 1984
إنّ قدرة أفيفا أوري على لمس الإحساس الخامّ، إضافة إلى التّعبيريّة القويّة في أعمالها، حوّلت الفنّانة إلى شخصيّة أسطوريّة ذات تأثير بالغ على تاريخ الفنّ في إسرائيل. يحتوي هذا المعرض على مجموعة واسعة ونوعيّة من أعمال أوري، جميعها تابعة لمجموعة متحف حيفا للفنون.
كان الخطّ والورقة التي تحته أسلوبَي التّعبير الأساسيّين لدى أوري، فواجهت بينهما مستخدمة شتّى التّقنيّات. في حين ركّز الكثير من الرّسّامين البارزين على مادّة واحدة، كانت أوري تستخدم أحيانًا موادّ رسم مختلفة – وقد حوّلت الكثير من مطبوعاتها إلى أعمال فريدة عندما أضافت إليها رسومات يدويّة. لكلّ مادّة ولكلّ خط نغمة خاصّة – ملمس خاصّ، وسماكة خاصّة، ولون خاصّ؛ وفي كلّ عمل من أعمال أوري هناك تنوّع من النّغمات التي يسهل تمييزها، أحيانًا تكون النّغمة حادّة، أو غير متناسقة، ولكنّها تخلق منها ببراعة توليفات مفعمة بالحيويّة والحركة. كان الدّافع من وراء أعمال أوري هو الرّغبة في التّعبير المباشر، والفوريّ، والخالي من الزّخرفة. مدفوعةً بحدسها الصّافي، كان الخطّ يجرّ أخاه، وكان وضع مادّة واحدة يستدعي مادّة أخرى. أعمالها عبارة عن سلسلة من نوتات تصف نشاز الحياة، ملحّنة معًا في تناسق منظَّم لا يدع أيّ قدر من العزاء، بل تنضح بتسليم وإيمان كبيرين بقوّة الفنّ على تطهير الرّوح.